فضاء حر

هل افلح الحزب الاشتراكي في تأطير تجربته الأنسانية حيال مهمشي جنوب ما قبل الوحدة؟! (3-3)

يمنات

محمد القيرعي

خلاصة القول انه كان يتعين علينا في البدء «كعقائديين ماركسيين» وفي سياق التزامنا الثوري بمعتقداتنا الماركسية وسعينا المحموم صوب الشيوعية أن نتعلم اولا.. وان ونستوعب اسس ومفاهيم البناء الشيوعي الحقيقي للمجتمع.. خارج سياق التصورات النظرية، مثلما كان يتعين على الرفاق ايضا.. في قيادة الحزب والدولة والثورة الأكتوبرية.. ان يدركوا بجلاء .. ان مسألة انشاء نظام اجتماعي.. شيوعي.. لا طبقي جديد.. لا يمكن ان يتحقق باية حال على قاعدة مفرغة من التنظير الثوري والتصورات الايديولوجية المزاجية الفارغة والمفرغة من اي محتوى ثوري..تطبيقي حي.. وحقيقي.. ما لم يرسوا _ اي النظام الاجتماعي اللاطبقي الجديد _ في المقام الأول على قاعدة تشريعية صلبة وعلى مصفوفة متكاملة من التدابير الاشتراكية الحقيقية والكفيلة بالغاء وأجتاث مجمل التناقضات والفوارق الطبقية المستشرية في المجتمع ..

وأمرا كهذا لا يمكن تحقيقه بصورة مثلى ومظفرة.. ما لم يتم اولا تمكين البروليتاريا والطبقات الكادحة والمهمشة من الاحتفاظ بالسلطة السياسية بايديها كونها الطبقة الثورية الوحيدة _ اي البروليتاريا _ القادرة على إلغاء أسس النظام الاجتماعي التراتبي القديم القائم على المحاباة السلالية والقبلية والعشائرية.. وإرساء قاعدة اجتماعية متينة وموحدة لا يستطيع أن يبني عليها غير الجيل الذي يبدأ العمل في ظروف جديدة.. وفي وضع لا وجود فيه لعلاقات الاستثمار التراتبية الفوقية المتناحرة بين الناس.. تطبيقا للهدف الشيوعي الابرز والاول المضمن في مصفوفة البيان الشيوعي.. المعلن في العام _1847م بالعاصمة الانجليزية _لندن _من قبل العصبة الشيوعية.. بزعامة الرفيقين _القائدين _«كارل ماركس _وانجلز»_والذي ينص صراحة على المبادرة اولا وفي سياق اي حركة ثورية شيوعية ناشئة في اي منطقة بالعالم.. على « تنظيم البروليتاريا في طبقة منظمة، والاستيلاء على السلطة السياسية والغاء الملكية البورجوازية التي تقوم على استغلال وافقار العاملين والطبقات الاجتماعية الدنيا والمسحوقة.. كشرط اساسي لانتصار العملية الثورية في محيطها .. الخ

= في النهاية استطيع القول ان دولتنا العمالية في جنوب ما قبل الوحدة وان كانت قد نجت بالفعل لعقدین ونيف قبل الوحدة رغم ضراوة الصراعات الداخلية التي شابت مسيرتها.. الا ان نظامنا الوطني البلشفي وتطلعاتنا التقدمية واجهت ولا تزال تواجه حتى اللحظة عواقب الدمار الأيديولوجي والفلسفي والاخلاقي الذي شاب معتقداتنا الثورية، بالصورة التي لخصها بجلاء في العام 1933م القائد البلشفي التاريخي .. الرفيق_ ليون تروتسكي الذي صرح قائلا أنه “يمكن اختزال الأزمة التقدمية التاريخية للبشرية في أزمة القيادة الثورية”..

وهذا صحيح قطعا اذا ما وضعنا بعين الاعتبار حجم الأنتكاسات الأيديولوجية والثورية المريعة التي شابت مسار العملية الثورية الاشتراكية في بلادنا وطبيعة الوضع الانكفائي الراهن الذي بلغه حزبنا الاشتراكي اليوم على مختلف الصعد السياسية والجماهيرية والحركية والاجتماعية والثورية .. بوصفه الاداة الرئيسية للعملية الثورية الوطنية ككل.. والحزب الوحيد المتفرد من بين كل منظومة العمل الحزبي والحركي الوطني الذي عركته التجارب النضالية والملحمية الشاقة والمضنية من ثكنات الكفاح التحرري المفتوحة اوائل ستينيات القرن العشرين.. في ثكنات ردفان ويافع والضالع وابين.. الى اقبية العمل الكفاحي السري في دهاليز عدن.. حتى تحقيق الظفر الثوري الذي تكلل بالجلاء الكامل للاستعمار الذي احتفلنا رغم المرارة الوطنية بذكراه الثامنة والخمسون في اصعب الاوضاع الانتكاسية جورا ومرارة.. والتي يمكن استشرافها بوضوح من خلال الامعان بموضوعية فاحصة في قاعدة الكفاح التحرري التاريخي لحزبنا الاشتراكي.

اذ انه وفي بعض حقب النضال الثوري.. التقدمي.. الذي خاضه الحزب خلال الحقبتين الشطرية والوحدوية..عادة ما كان يبرز هنالك تقليد نضالي عظيم مشحون بالشجاعة الذاتية وبالعاطفة الأيديولوجية المحكومة عادة بمبداء التضحية بالمنافع السلطوية والمادية الشخصية داخل قسم صغير من المثقفين الثوريين في اعلى الهرم القيادي للحزب على غرار الشهيد جار الله عمر.. والقائد الملهم الراحل_ الرفيق علي صالح عباد مقبل.. والذين سعوا ومن خلال تجربتي وعلاقتي الشخصية الوثيقة بهم الى تغيير الواقع الرهيب والمُهين للفقر والتخلف الإجتماعي والاقصاء الحركي الذي طغى عليه تاثير النظام الاجتماعي القبلي التراتبي الوحشي سواء داخل مكونات الحزب.. او على الصعيد الاجتماعي والوطني في بلادنا.

الا انه وفي المقابل كانت جهودهم السياسية والحركية داخل مختلف المكونات الهرمية للحزب..غالبا ما تقابل بنشاط رجعي لبعض التيارات المنظمة على شكل حركة ثورية داخل الحزب والساعية للإطاحة بكل الانجازات الثورية المحققة على الصعيدين الحركي الداخلي والمجتمعي والوطني ككل ، على غرار شلة « ياسين سعيد نعمان_باذيب _ الشطفة » الذين ينطبق عليهم بجلاء تشخيص الرفيق القائد فلاديمير لينين في كتابه مرض اليساريا الطفولي. بقوله ( إن الثوريين النكدين والطالحين غير مجربين ويسيئون للثورة إذ “ليس من الصعب أن يكون المرء ثوريا عندما تكون الثورة قد اندلعت واستعر أوارها عندما يلتحق بالثورة كل أحد. إما اندفاعا وراء الأحاسيس أو اقتفاء للموضة أو حتى أحيانا من أجل مصالح وصولية خاصة»).

زر الذهاب إلى الأعلى